للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: الأعجوبة، قال تعالى في مواضع من كتابه عند ذكره ما أحله من النقيمة بأعدائه: (إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ومَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) [الشعراء/ ٨] بمعنى العجب مما حل بهم عندما كان من تكذيبهم رسل ربهم، والتعبير بالآية عن العقوبات المنكلة كثير في كلام الخاصة من أهل اللسان، كقولهم: قد جعل فلان آية: إذا حل به فظيع من المكروه. ثالثها: أنها المثلة النازلة، ألا ترى أنهم يقولون لمن نزل به شيء من هذا. أو جعل على صفة مذمومة يعير بها، ويسب ويصم بها: فلان آية منزلة. وهذه ثلاثة متقاربة، والأصل العلامة، فإذا قيل: اجعل لكذا آية، فمعناه علامة فاصلة تدل على الشيء بحضورها. وتفقد دلالتها بغيبتها، ألا ترى إلى قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ) [آل عمران/ ٤١] إلى آخر القصة، فإنما سأل ربه أن يجعل له علامة لما وعده وبشره به، فيما جانس هذا مما تضمنه كتاب الله عز ذكره.

وأما الأوجه العربية، فقد اختلفوا في وزنها، فقال الكسائي: أصلها آيية على فاعلة، فكان ينبغي إدغام الياء الأولى في الثانية، فتصير كدابة وشابة، لكنهم استثقلوا التشديد، فحذفوا الأولى. وقال البصريون: أصلها أيية بالتحريك، فقلبت الأولى ألفاً، وقال الفراء: أصلها أية: بفتح الهمزة وتشديد الياء، فاستثقلوا التشديد، فأتبعوا الياء ما قبلها بالفتح، فصارت آية. هذا ملخص ما في كتاب "الجليس الصالح والأنيس الناصح".

وبقي أقوال ثلاثة، أحدها: أن أصلها أيية، بضم الياء الأولى كسمرة، فقلبت العين ألفاً، ورد أنه كان يجب قلب الضمة كسرة. الخامس: أن أصلها أيية كنبقة، بكسر الياء الأولى، فقلبت ألفاً، ورد بأن ما كان كذلك يجوز فيه الفك والإدغام كيحيى وحيي. والسادس: أن أصلها أيية كقصبة كالأول. إلا أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>