بالعين غير منقوطة. أصله الجلبة والأصوات، ثم سميت الحرب به، والمأزق: المضيق، وأصله من الأزق، وهو الضيق في الحرب، [فهو مفعل منه].
وقوله: فتعرفوا، أي: من بلائهم ما يستدل به على حسن صبرهم على ما جنت، أي: على جناية، وموضعه نصب على الحال، والعامل فيه "تعرفوا" ويد الحدثان: مثل [أراد الحوادث]، وليس للحدثان يد، إنما استعار ذلك، لأن أكثر الجناية باليد تكون، ورقيق الشقرتين، أي: الحدين، وأصل الشفر: القطع، وسمي الحرف من كل شيء شفراً، لأنه كالمقصود منه، والاستنجاد: الاستنصار، يقول: هؤلاء لحرصهم على الحرب إذا استنصرهم صارخ، ودعاهم إلى الحرب؛ لم يطلبوا علة يتأخرون بها. هذا آخر كلام الخطيب.
وقال ابن جني: قوله: على ما جنت فيهم يد الحدثان. يحتمل أمرين، أحدهما: أن يكون "على" متصلة بنفس الصبر، ومعمولة له، كقولك: عجبت من صبرك على الضرب! والآخر أن يكون بمنزلة مع، كقول الأعشى:
وأصفدني على الزمانة قائدا
أي: مع أنا فيه من الزمانة، فتكون متعلقة بنفس كيف، كقولك: كيف [هو] زيد، على ما [هو] فيه من المعرفة والفضل، ويجوز أيضاً مع هذا المعنى أن تكون متعلقة بنفس الصبر، لا على قولك صبرت على كذا، ولكن كقولك: صبرت مع أنا فيه من الشدة والبؤس، أي: صبرت على ما هذه الحال، أي: وأنا في هذه الحال، فاعرف ذلك فرقاً بين العوين. انتهى.