إذا وقعت خبراً، لم يشترط بكون الرابط في الشرط، بل في أيهما من الشرط والجزاء وجد كفى، وحسر: بمهملات، يجيء لازماً ومتعدياً لواحد، تقول: حسرت كمي عن ذراعي أحسره، بالضم، وأحسره، بالكسر، حسراً: كشفت وحسر حسوراً: انكشف، ويحسر في البيت لاوم، ولا يجوز أن يكون متعدياً، لأن إنسان العين لا يكشف ماء الدمع، وإنما هو مكشوف عنه بجريانه. قال ابن جني في "إعراب الحماسة": فالعائد على الإنسان إنما هو من يبدو، لا من يحسر، ويكفيك من هذا أن العطف نظير التثنية، وحسبك بها اتصالاً وامتزاجاً. انتهى. والرابط عند الكوفيين "أل"، فإنه عوض عن المضاف إليه، والأصل يحسر ماؤه، ويبدو: يظفر، ويجم، بكسر الجيم: يكثر، يقال: جم الشيء جماً من باب ضرب، أي: كثر، فهو جم بوزن المصدر، وغرق الشيء في الماء غرقاً، فهو غرق من باب: تعب، وجاء غارق أيضاً، وفاعل يجم: ضمير الماء، وفاعل يغرق: ضمير الإنسان، ويجم: معطوف على يحسر، ويغرق معطوف على يجم، وجملتا "يجم فيغرق" خبر عن الإنسان أيضاً، والجملة الأولى خاليه عن ضميره، وإنما جاز للفاء كما في يحسر الماء، فيبدو، وأشار بتارة وتارات إلى أن انكشاف إنسان عينه من الدمع قليل نادر، وأن كثرة الدمع أغلبي.
والبيت من قصيدة لذي الرمة، عدتها سبعة وخمسون بيتاً كلها غزل ونسيب، ومطلعها: