للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروي: نصف النهار الماء الغامرة. يريد معنى الواو، أي: انتصف النهار والماء غامرة وهو تحت الماء يعني الغواص، وشريكه بالغيب، أي: بحيث يغيب عنه ولا يدري ما حاله، وإنما يغوص بحبل معه طرفه، وطرفه الآخر مع صاحبه. قال الرياشي: الحال إذا لم يرجع إلى الأول منها شيء، فهو قبيح في العربية، قال: وإذا صيرته ظرفاً، فهو جيد في العربية، قال المازني: الجيد نصب النهار على الظرف. انتهى. وكون نصب النهار على الظرف تجوز في الكلام، والصواب على المفعولية. والعجب من ابن الشجري في "أماليه" فإنه جعل الجملة من النهار المرفوع، وقال: الرابط الضمير، وهذا لا يصح، فإن الضمير ليس للنهار، وأعجب منه قول ابن السيد في شرح أبيات "أدبي الكاتب" في جعله الجملة حالاً، وصاحب الحال غير مذكور في هذا البيت، بل هو في بيت قبل هذا بأبيات قال: وجملة "الماء غامره" حال، وكذلك الجملة التي بعدها، وكان ينبغي أن يقول: والماء غامره؛ فيأتي بواو الحال، ولكنه امتفى بالضمير، ولو لم يكن في الجملتين عائد على صاحب الحال، لم يجز حذف الواو، وأما صاحب هاتين الحالين، فليس بمذكور في البيت، ولكنه مذكور في البيت الذي قبله وهو:

كجمانة البحري جاء بها ... غواصها من لجة البحر

انتهى.

وأغرب من هذين الولين صنيع ابن جني في "سر الصناعة" فإنه حكم على هذه الجملة بأنه لا رابط لها، ثم نقض كلامه، فجعل الضمير رابطاً للحال بصاحبها المحذوف، وقد نقلنا كلامه، وكلام ابن الشجري وغير ذلك في الشاهد الثاني بعد المائتين من شواهد الرضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>