للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكن قبيل عطف المسبب على السبب، إذ تكثر الفنيمة بظلم الأقارب يتسبب منه الإثم، ويجوز أن يكون من عطف العام على الخاص، أي: ولم يأثم بظلم أحد، والمعنى على الأول: ليس بمكثر غنيمة بظلم أقاربه، ولا بخيل سيء الخلق عليهم، يعني: أنه لا يؤذيهم لا بفعل ولا بقول، بل يجود عليهم، ويعاشرهم بمكارم الأخلاق، قال الدماميني: ويحتمل أن يكون معطوفاً على بنهكة يتقدير مضاف، أي: ولا بنهكة حقلد. والمعنى: أن هذا الممدوح، لا يكثر غنيمة بنهكة قريب، ولا بنهكة شخص متصف بسوء الخلق، إذ هي صفة نقص في صاحبها، تقتصي أن لا يفخر بأسره لمكان نقصه.

أقول: فيه نظر من وجوه:

الأول: أنه حمل الحقد على شخص متصف بسوء الخلق، ولم يحتمل على الممدوح، وهذا لا يصح عطفه علهي بلاغة، إذ لا مناسبة بين ذلك الشخص والأقارب، وقد نصوا على شرط كون عطف المفرد بالواو مقبولاً أن يكون بينهما جهة جامعة نحو: زيد كاتب وشاعر بخلاف نحو: زيد كاتب ومعط.

الثاني: أن قوله: تقتضي أن لا فخر بأسره؛ فيه أن الجور على سيء الخلق لتأديبه مما يفخر به.

الثالث: أنه فهم النهكة بمعنى الأسر والسبي، وليس كذلك، وإنما المراد بها أخ أموالهم. والجور عليهم: أخذ أنفسهم، إذ يستعبد أن يسبي الرجل أقاربه، وبهذا يسقط توجيه ابن الملا الحلبي له بقوله: لأن تفسير النهكة بالأسر إنما هو من باب ما صدق عليه المعنى هو الغلبة، لما عرف من أنه يقال: نهكة، لأي: غلبه، وفي الأسر غلبة وأي غلبة! لأن من استقرأ استعمالات النهك، وجدها ترجع إلى معنى الغلبة والمبالغة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>