للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهمزة في أظلوم للنداء، والرواية الصحيحة: (أظليم) بالتصغير، روى الأصفهاني في كتاب (الأغاني) عن جماعة قالوا: حدثنا أبو عثمان المازني قال: كان سبب طلب الواثق إياي أن مخارقا غنى في مجلسه:

أظليم إن مصابكم رجلا ... البيت

فغناه مخارق: رجل، فتابعه بعض القوم، وخالفه آخرون، فسأل الواثق عمن بقي من رؤسائ النحويين، فذكرت له، فأمر بحملي وإزاحة علتي، فلما وصلنا إليه، وسلمت عليه، قال لي: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: أمن مازن تميم، أم مازن قيس، أن مازن ربيعة، أم مازن اليمن؟ قلت: من مازن ربيعة، قال لي: با اسمك يريد: ما اسمك؟ وهي لغة كثيرة في قومنا، فقلت على القياس: اسمي مكر، أي: بكر يا أمير المؤمنين، فضحك، وقال: اجلس واطبن يريد اطمن، فجلست، فسألني عن البيت، فقلت:

إن مصابكم رجلا

فقال: أين خبر (إن) قلت: ظلم، وقال الأخفش في خبره: فقلت: إن معنى (مصابكم) إصابتكم مثل ما تقول: إن قتلكم رجلا حياكم ظلم، ثم قلت: يا أمير المؤمنين إن البيت كله معلق لا معنى له حتى يتم بقوله (ظلم) ألا ترى أنه لو قال:

أظليم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ...

فكأنه لم يفد شيئا حتى يقول (ظلم) ولو قال: أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية لما احتاج إلى ظلم، ولا كان له معنى إلا أن يجعل التحية بالسلام ظلما، وذلك محال ويجب حينئذ أن يقول:

أظليم إن مصابكم رجل ... أهدى السلام تحية ظلما

ولا معنى لذلك ولا هو له، لو كان وجه معنى الشاعر في شعره. فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>