للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جامع ديوانه: هذا مثل يقال: جاء بسقائه يصل، أي: قد يبس، فقيل لكل عطشان: يصل. والعذاة، بإهمال العين وإعجام الذال: البعيد من الماء والريف، والضامر: الساكت، ينتظرون قضاءه: أمره ليسرد بهن، أي: ليقضي أمره فيهن. انتهى. والضمير المؤنث للأتن الوحشية، جمع أتان، وهي أنثى الحمار، والضمير المذكور راجع للجأب، وهو الحمار الوحشي، وقضاءه: مصدر مضاف إلى فاعله، وأمره: مفعوله؛ وهو من قضيت حاجتي، أي بلغتها ونلتها. وقد أورد أبن جني هذا البيت في "اعراب الحماسة" وتعرض لمعنى الباء، ولم يتعرض لمتعلقها، قال بعد انشاد البيت، أي: في ضاحي عذاة، وتوهم بعضهم أن الباء لا تقع بمعنى في إلا مع المعرفة كقولنا: كنا بالبصرة وأقمنا بالمدينة، والبيت شاهد عليه، ألا ترى أن ضاحي عذاة نكرة لا معرفة. انتهى.

والبيت من قصيدة طويلة للشماخ وهذا بعد أربعة ابيات من أولها:

كأن قتودي فوق جأب مطرد ... من الحقب لاحته الجداد الغوارز

طوى ظمأها في جمرة القيظ بعدما ... جرت في عنان الشعريين الأماعز

وظلت بأعراف كأن عيونها ... إلى الشمس هل تدنو ركي نواكز

وهن وقوف ينتظرن قضاءه ... .. البيت.

فلما رأين الورد منه عزيمة ... مضين ولاقاهن خل مجاوز

قوله: "كأن قتودي فوق إلى آخره": يريد تشبيه راحلته بحمار وحش يطلب ماء من شدة القيظ مع أتنه، والقتود، بالضم جمع قتد، بفتحتين: وهو خشب الرحل، والجأب، بالجيم والهمزة: الحمار الغليظ من حمر الوحش، والمطر: الذي طردته الرماة، أعني: مطاردة الصائد إياه، والحقب جمع أحقب: وهو الحمار الأبيض الحقوين، ولاحته: غيرته، والجداد، بكسر الجيم: جمع جدود، بفتحها: وهي التي قد يبس لونها، والغوارز: التي قلت ألبانها جمع غارز، وقوله: ظمأها: قال جامع ديوانه، أي: زاد فيه؛ أدخل ظمأين في ظمء، حيث اشتد الحر، أي: جعل الظمأين ظمأ واحدا خوفا من النهوض إلى الماء، فهو أشد

<<  <  ج: ص:  >  >>