للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلق في المعنى بالوفاء، لأنه اراد: "وفاؤكما بأن تسعدا كالربع"، فلما فصل بينهما بأجنبي، وجب عند النحويين تعليقه بمضمر، تقديره ععند أبي الفتح: "وفيتما بأن تسعدا"، والمعنى: "وفيتما باسعادي وفاء ضعيفا"، ولذلك شبه وفاءهما بالربع الدارس. قال له بأي شيء تتعلق الباء من "بأن؟ " فقال: بالمصدر الذي هو وفاؤكما، فقلت له: وبم ارتفع وفاؤكم؟ فقال: بالابتداء، فقلت: وما خبره؟ فقال كالربع، فقلت: وهل يصح أن تخبر عن اسم وقد بقيت منه بقية، وهي الباء ومجرورها؟ فقال: هذا لا أدري ما هو إلا أنه قد جاء في الشعر له نظائر، وانشدني:

لسنا كمن حلت إياد دارها ... تكريت ترقب حبها أن يحصدا

أي: لسنا كإياد، فدارها الآن ليست منصوبة بحلت هذه، وإن كان المعنى يقتضي ذلك، لأنه لا يبدل من الاسم إلا بعد تمامه، وإنما هي منصوبة بفعل مضمر يدل عليه: "حلت" الظاهر، كأنه قال: فما بعد "حلت دارها" انتهى كلام أبي الفتح.

ومعنى البيت: أنه خاطب صاحبيه وقد كانا عاهداه بأن يسعداه ببكائهما عند ربع أحبته، فقال: وفاؤكما بإسعادي شبه للربع، ثم يبين وجه الشبه بينهما بقوله: "أشجاه طاسمه" يعني أن الربع إذا تقادم عهده فدرس، كأن أشجي لزائره، أي أبعث لشجوه، أي: لحزنه، لأنه لا يتسلى به المحب كما يتسلى بالربع الواضح، وكذلك الوفاء بالاسعاد إذا لم يكن بدمع ساجم-[أي: هامل-كان أبعث للحزن، فأراد: أبكيا معي بدمع ساجم] فإن الدمع أشفى للغليل إذا سجم. كما أن الربع أشجى للمحب إذا عفا وطسم. انتهى كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>