الثانية سببية، ولبى باء التثنية، أضيف إلى يدي مسور، وخص يديه، لأنهما الدافعتان ضره، والمعنى: دعوت مسورا لينصرني، ويدفع عن ما نابني من الشدائد، فأجابني، ولباني، فاجاب الله دعاءه، وأعانه كما أعانني, والبيت من شواهد سيبويه، قال الأعلم: الشاهد فيه قوله: فلبي يدي باثبات الياء لأنها ياء التثنية، وإنما احتج به على يونس لزعمه أن لبيك اسم مفرد، وأن ياءه كياء عليك، ولو كان بمنزلة عليك، لقال: فلبى يدي مسور كما تقول على يديه ونحوه، يقول: دعوت مسورا لرفع نائبه نابتني، فاجابني بالعطاء فيها وكفاني مؤونتها، وكأنه سأل في دية وإنما لي يديه، لأنهما الدافعتان إليه ما سأله، فخصهما بالتلبية لذلك. انتهى.
قال بعضهم: إن لي الأولى تكتب بالألف، والثانية بالياء ليعرف أن الأولى فعل، والثانية مصدر منصوب بالياء، قال الفارسي: لا حجة له في البيت على ما ذكر، لأنه يجوز في نحو هذه الألف التي تطرفت أن تقلب ياء في الوقوف، فيقال في أفعى في أفعى بقلب الألف ياء، ومنهم من يجري الوصول مجرى الوقوف، فيمكن أ، يكون "فلي يدي مسور" من ذلك، قال ابو حيان: وهذا الذي قاله الفارسي يمكن إن سمع من كلامهم "لبا زيد" انتهى.
والتلبية مأخوذة من لبيك، قال أبن جني في "سر الصناعة" وهذا كلامه فيه قال: قال بعضهم في لبيت بالحج، إنما هو لبيت، فقلبت من قولهم: ألب بالمكان: أقام به، قرأت على أبي علي للمضرب بن كعب:
فقلت لها فيثي إليك فإنني ... حرام وإني بعد ذاك لبيب