للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ملب بالحج، قال ابن السكيت: وقوله بعد ذاك، أي: مع ذاك، فأما حقيقة لبيك عند أهل الصنعة فليس أصل يائه باء، وإنما الياء في لبيت هي الياء في قولهم: لبيك وسعديك، اشتقوا من الصوت فعلا، فجمعوه من حروفه، كما قالوا من سبحان الله: سبحت، أي قلت سبحان الله، ومن لا إله إلا الله، هللت، ومن لاحول ولا قوة إلا بالله: حوقلت، ومن بسم الله: بسملت، ومن هلم وهو مركب من ها ولم عندنا، ومن هل وأم عند البغداديين، فقالوا: هلممت.

وكتب إلى أبو علي في حلب في شيء سألته عنه، فقال: قال لي بعضهم: سألتك حاجة، فلاليت فيها، أي: قلت لي: لا، وسألتك حاجة، فلو ليت لي، أي قلت لي: لولا، قال: وقالوا: بأبأ الصبي أباه، أي قال له: بابا، وحكي لنا عن الأصمعي أو أبي زيد انهم يقولون: رجل ويلمه، للداهية، اشتقوه وصفا من قولهم: وي لمه، وأصله: ويل لأمه، وهذا كثير، وكذلك أيضا اشتقوا: لبيت من لفظ لبيك، فجاؤوا في البيت بالياء التي هي للتثنية في لبيك، وعلى هذا قول سيبويه، فأما يونس، فزعم أن لبيك أسم مفرد، وأصله عنده: لبب، ووزنه فعلل، ولا يجوز أن يحمله على فعل لفلة فعل في الاسماء، وكثرة فعلل، فقلبت الباء التي هي اللام الثانية من لبب ياء هربا من التضعيف، فصار لبي، ثم أبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت لبا، ثم انها لما وصلت بالكاف في لبيك، وبالهاء في لبيه نحو ما انشدنا أبو علي:

إنك لو دعوتني ودوني ... زوراء ذات منزع بيون

لقلت لبيه لمن يدعوني

قلبت الألف ياء، كما قلبت في وإلى وعلى إذا وصلتها بالضمير فقلت: إليك وعليك ولديك، ووجه التشبيه بينهما أن لبيك ليس له تصرف غيره من الاسماء لأنه لا يكون منصوبا، ولا يكون إلا مضافا، كما أن إليك وعليك ولديك

<<  <  ج: ص:  >  >>