للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تكون إلا منصوبة المواضع، ملازمة للإضافة، فقلبوا ألفه ياء، فقالوا لبيككما قالوا: عليك وإليك ولديك، ونظير هذا: كلا وكلتا في قلبهم الألف ياء متى أتصلت بضمير، فكانت في موضع نصب أو جر، ولم يقلبوا الألف في موضع الرفع باء، لأنهما بعدا برفعهما عن شبه اليك وعليك ولدي، إذ كن لاحظ لهن في الرفع، واحتج سيبويه على يونس، فقال لو كانت ياء لبيك بمنزلة ياء إليك وعليك ولديك، لوجب متى أضفتها إلى المظهر أن تقرها ألفا، كما أنك إذا أضفت عليك واختيها إلى المظهر أقررت ألفها بحالها ولكنت تقول: على هذا: لبي زيد، ولبي جعفر، كما تقول: إلى زيد وعلى زيد، ولدى سعد، وانشد قول الشاعر:

دعوت لما نابني مسورا ... فلبى فلبى يدي مسور

قال: فقوله: فلبى بالياء مع إضافته إياه إلى المظهر دلالة على أنه اسم مثنى بمنزلة غلامي زيد، وصاحبي سعد، هذا شرح المذهبين وبسطهما، ومعاني قول سيبويه ويونس فيهما، وإن لم يكن لفظهما، فإنه غرضهما، ثم إن أبا على فيما بعد انتزع لنا شيئا يونس به قول يونس، ولم يقطع به، وإنما ذكره تعللا، وهو أنه قال ليونس أن يحتج فيقول: قوله فلبى يدي إنما جاء على قول من قال في الوصل: هذه أفعى عظيمة، وهذه عصى طويلة، أي: أفعى وعصا، وقد حكي سيبويه: أنهم يقولون ذلك في الوصل، كما يقولونه في الوقف، وهذا ليس عندنا مقنعا وإنما فيه بعض التأنيس والقول بعد قول سيبويه، فقول من قال: إن لبيت بالحج من قولنا: ألب بالمكان، إلى قول يونس أقرب منه إلى قول سيبويه، ألا ترى أن الياء في "لبيك" عن يونس إنما هي بدل من الألف المبدلة من الباء المبدلة في لبب على تقدير قول يونس، وهذا كله منتزع من قول سيبويه والخليل أن لبيك من قولهم: ألب بالمكان إلا أنهما لم يزعما أن الياء بدل من اللام الثانية، فأعرف هذه المسألة فإنها من لطيف ما في الكتاب، وإن أعان الله على شرحه وتفسيره، سقت جميعه من التقصي والتنظير

<<  <  ج: ص:  >  >>