(وعد الله حقا أنه يبدأ الخلق ثم يعيده)} يونس /٤ {إن شئت كان تقديره: (وعد الله حقا) لأنه يبدأ الخلق ثم يعيده} أي: من قدر علي هذا الامر العظيم فإنه غني عن إخلاف الوعد {, وإن شئت كان تقديره: وعد الله وعدا حقا أنه يبدأ الخلق ثم يعيده , فتكون " أنه " منصوبة بالفعل الناصب , لقوله: وعدا , ولا يجوز أن تكون} أنه {منصوبة الموضع بنفس وعد , لأنه قد وصف بقوله حقا , والصفة إذا جرت علي موصوفها أذنت بتمامه وانقضاء اجزائه , فهي من صلته , وكيف يوصف قبل تمامه؟ فأما قول الحطيئة:
أزمعت يأسا مبينا من نوالكم .. البيت
فلا يكن قوله: من نوالكم , من صلة يأس من حيث ذكرنا , ألا تراه قد وصف بقوله: مبينا؟ وإذا كان المعني لعمري عليه , ومنع الإعراب منه , أضمر له ما يتناول حرف الجر , ويكون ياسا دليلا عليه , كانه قال فيما بعد: يئست من نوالكم. انتهي كلامه وكذلك قال في باب تجاذب المعاني والإعراب ومنه قول الحطيئة:
أزمعت يأسا مبينا. . . . . ... البيت.
أي: يأسا من نوالكم مبينا , فلا يجوز أن يكون قوله من نوالكم متعلقا بيأس , وقد وصف مبين , وإن كان المعني يقتضيه , لأن الاعراب مانع منه , لكن تضمر له حتى كأنك قلت: يئست من نوالكم. انتهي.
والبيت من قصيدة للحطيئة هجا بها الزبرقان بن بدر الصحابي , وهي:
والله ما معشر لاموا امرأ جنبا ... من اّل لأي بن شماس باكياس
ما كان ذنب بغيض لا أبالكم ... في بائس جاء يحدو اّخر الناس