للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعمري إن الرؤية إذا لحقتها، فقد لحقت ما هو متصل بها، وفي ذلك شيئان، أحدهما: أن الرؤية وإن كانت مشتملة عليها، فليس لها طريق إلى الطيب في مفارقها، اللهم إلا أن تكون حاسرة غير مقنعة، وهذه مبتذلة لا توصف به الخفرات، ألا ترى إلى قول كثير:

وإني لأسمو بالوصال إلى التي ... يكون سناء وصلها وازديارها

ومن كانت من النساء هذه حالها، فليست رذلة، ولا مبتذلة، وبه وردت الأشعار القيمة، والمولدة، وهي طريق مهيع، وإذا كان كذلك، وكان الرؤية لها ليس مما يلزم معه معه رؤية طيب مفارقها، وجب أن يكون الفعل المقدر لنصب الطيب مما يصحب الرؤية لا الرؤية نفسها، فكأنه قال: لن تراها إلا وتعلم لها، أو تتحقق لها في مفارق الرأس طيباً، غير أن سيبويه حمله على الرؤية، وينبغي أن يكون على ما تدل عليه الرؤية من الفعل الذي قدرناه.

والآخر: أن هذه الواو في قوله: ولها كذا هي واو الحال، وصارفة للكلام إلى معنى الابتداء، فقد وجب أن يكون تقديره: لن تراها إلا وأنت تعلم، أو تتحقق، أو تشم، فتأتي بالمبتدأ، وتجعل ذلك الفعل المقدر خبراً عنه، فاعرف ذلك. انتهى كلام ابن جني، ولم يأت المصنف بذكر المبتدأ وبناء الفعل المقدر عليه.

والبيت نسبه شراح شواهد سيبويه لعبد الله بن قيس الرقيات من قصيدة، وتقدمت ترجمته في الإنشاد الثامن والأربعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>