وقوله: ما تنقم, ما: استفهامية إنكارية منصوبة المحل بتنقم, وتنقم بمعنى تكره, قال صاحب «المصباح»: نقمت عليه أمره, ونقمت منه نقمًا, من باب ضرب ونقومًا, ونقمت أنقم من باب تعب لغة: إذا عبته وكرهته أشد الكراهة لسوء فعله, وفي التنزيل: (وما تنقم منا) [الأعراف/١٢٦] على اللغة الأولى, أي: وما تطعن فينا وتقدح, انتهى. والمعنى: أي شيء تكره الحرب مني؟ أي: ما تكره مني شيئًا لما أني موف لها حقها. كذا قالوا, والجيد أن يكون من نقمت منه من باب ضرب بمعنى: انتقمت وعاقبت, والمعنى: لم تؤثر الحرب في, ولم تقدر على الانتقام مني فإني جلد كامل القوى, فهذا الكلام أليق بمن يثق بنفسه ويفتخر بكمال شجاعته.
وقيد الحرب بالعوان مبالغة بشجاعته وإظهارًا لوفور بصيرته بالحرب, فإن من حارب ابتداء, ولم يكن سبق منه مقاتلة, يكون غرًا غير متبصر بأحوال الحرب, فإذا حارب ثانيًا كان ذا دربة وبصيرة بها, فلا يهابها ويخاتل قرنه بالطعان والدفاع. والعوان: المحاربة الثانية, قال صاحب «الصحاح»: العوان من الحروب: التي قوتل فيها مرة, كأنهم جعلوا الأولى بكرًا.
وقال ابن الأثير في «النهاية»: ومنه حديث علي بن أبي طالب: بازل عامين حديث سني. والبازل من الإبل: الذي تم له ثماني سينين ودخل في التاسعة, وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته, ثم يقال له بعد ذلك: بازل عام وبازل عامين, يقول: أنا مستجمع الشباب مستكمل القوة. انتهى. ومعنى بازل عامين: مر عليه بعد بزوله عامان, فهو متناهي القوة.
وروى ابن دريد في «الجمهرة»: «مخلف» بدل بازل, قال: يقال للجمل بعد بزوله بعام أو عامين: مخلف, قال أبو جهل: