فإن قصدوا لحق حق فاقصد ... وإن جاروا فجر حتى يصيروا
يريد: حتى يصيروا لك تبعا، وإنما لم يجز حذفه إلا في ضرورة، لأنه عوض عما اخترم منها من الدلالة على الحدث، فلزم ذلك. انتهى. وكذا قال ابن جنى في " إعراب الحماسة " قال: حذف خبر " ليس"، أى: حين ليس مجير في الدنيا، وعليه قولهم:" ليس الطيب إلا المسك "، أى: ليس الطيب في الدنيا، ثم أبدل المسك من الطيب، فهذا أحد الوجوه في هذه اللفظة. واعلم أن حذف أخبار كان وأخواتها يضعف في القياس، وقلما توجد في الاستعمال، فإن قلت: قد علم أن " كان " يتجاذبه شبهان: أحدهما: خبر المبتدأ، لأنه هو أصله، والآخر: المفعول به، إذ كان منصوبا بعد مرفوع بفعله، وليس ظرفا ولا مصدرا، ولا حالا، ولا تمييزا، ولا مفعولا له، ولا مفعولا معه، وكل واحد من خبر المبتدأ، ومن المفعول به قد ساغ في الكلام، واطرد حذفه، وهو واقع بينهما وآخذ للشبه من كل منهما. فليت شعرى من أين قبح وقل حذفه؟ فالجواب أنه دخله أمر لم يوجد في واحد منهما، وذلك أن كان الناقصة إنما ألزمت الخبر تعويضا لها مما جرى مما اخترم منها من دلالة الحدث، فجاء متمما لها وعوضا من المخترم منها، فلو حذفته لنقضت الغرض الذى جئت به له ومن أجله، فجرى في ذلك نحوا من إدغام الملحق، لما في ذلك من نقص الغرض الذى أريد به من احتذاء المثال الملحق به،