فلما أصبح، غدا على أبيها فخطبها، قال له أبوها: مرحبا لك يا أبا قرة، إنك الكريم الذي لا يطعن في حسبه، والسيد الذي لا يرد عن حاجته، والفحل الذي لا يقدع أنفه، ولكن هذه المرأة في نفسها ما ليس لغيرها، وأنا أذكر لها ذلك، وهي عاقلة، فدخل عليها وقال لها: يا خنساء أتاك فارس هوازن، وسيد بني جشم دريد ابن الصمة يخطبك وهو من تعلمين، ودريد يسمع قولهما، فقالت: يا أبه، أتراني تاركة بني عمي مثل عوالي الرماح، وناكحة شيخ بني جشم هامة اليوم أو غد! فخرج إليه، واعتذر منه، وقيل: إنها قالت: أنظرني حتى أشاور نفسي، وبعثت وليدة، وقالت: انظري دريدا إذا بال، فإن كان بوله يحفر الأرض ففيه بقية، وإن كان يسيح على وجه الأرض، فلا بقية فيه، فرجعت إليها وأخبرتها أنه ساح على وجه الأرض، فقالت: لا بقية فيه، وعاود دريد أباها، فقالت:
أتنكحني هبلت على دريد ... يقال أبوه من جشم بن بكر
ولو أمسيت في جشم هديا ... لقد أمسيت في ذل وفقر
فغضب دريد، فقال
وقال الله يا ابنة آل عمرو ... من الفتيان أمثالي ونفسي