وقوله: فارقنا .. البيت، الجماع، بالكسر: الاجتماع والعشرة، وهذه اللفظة في البيت، بحسب عرف هذه الأزمان قبيحة، والوطر: الحاجة، وفاعل فارقنا ضمير الشباب. وقوله: أصبحت لا أملك السلاح ... إلى آخر البيتين، وهما من شواهد سيبويه، و"الجمل الزجاجية" وغيرهما من كتب النحو، قال ابن خلف: الشاهد فيه نصب الذئب بإضمار فعل يفسره ما بعده ليعطف عليه أخشى الرياح.
وقوله: لا أحمل السلاح، ولا أملك: جملتان في موضع نصب خبر أصبح إن كانت ناقصة، وحالا إن كانت تامة، كأنه قال: أصبحت غير حامل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفر بي، ولا يجوز في الذئب الرفع على الابتداء.
وقوله: وحدي، منهم من يجعل نصبه على الظرف بكونه مقدرا بما يجري مجرى الظرف من حرف جر، فإذا قلت: مررت بزيد وحده، فكأنك قلت: مررت بزيد على حياله، ومنهم من يجعل نصبه على المصدر، ويجعله من المصادر التي وقعت أحوالا، وإن كانت مضافة إلى معرفة، لأنها وقعت موقع غيرها، فوحده وقع موقع إيحاد، لأن العرب تقول: أوحدته بمروري إيحادا، وإيحادا وقع موقع موحد ومفرد، فكأنك قلت: مررت به موحدا ومفردا، هذا تحقيق الحال فيه، فقد صار وحده نائبا عن مصدر قد حذفت زيادته، وذلك المصدر نائبا عن اسم رجع عن اسم الفاعل، فلما فيه من معنى الإفراد كان حالا، ولما كان فيه من معنى المصدر كان مفردا لا يثنى ولا يجمع، ولما فيه من الاتساع لم يجر في موضع الجر، لأن الاتساع بعد الاتساع مرفوض، وما جاء عنهم مجرورا إلا في ثلاثة ألفاظ، وهو قولك للرجل إذا مدحته: هو نسيج وحده، أي: بمنزلة المنوال الذي لم ينسج عليه غيره، وإذا ذممته، قلت: هو عيير وحده، وجحيش وحده، تصغير جحش وعير، وهذا مما يحفظ ولا يقاس عليه لشذوذه.