للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ثلاثًا, فإذا كان كذلك لم يتجه إلا إلى الإيقاع للثلاث.

وأما إذا رفع ثلاثًا أمكن أن يكون المراد: الطلاق عزيمة ثلاث, أي: جنس الطلاق ذو عزيمة ثلاث, وأمكن أن يكون طلاقي ذو عزيمة ثلاث, فإذا أمكن أن يكون المراد به طلاقه خاصة, وأمكن أن يكون غير طلاقه, ولكن جنس الطلاق, ولم يوقع به شيئًا يتيقن ذلك بإقرار من المطلق أنه أراد ذلك, فأما إذا لم يقترن إلى هذا اللفظ الذي يحتمل الطلاق الخاص والطلاق العام شيء يدل به أنه يريد به طلاقك خاصة, لم يوقعه, والأشبه في قولهم واحدة واثنتان وثلاث في الطلاق, وإيصالهم إياه بهن أن يكون مرارًا, فينتصب على أنه ظرف من الزمان, يقوي ذلك قوله تعالى: (الطلاق مرتان) [البقرة/٢٢٩] والمعنى: الطلاق في مرتني, إلا انه اتسع فيه فأقيم مقام الخبر, كما أقيم ظرف الزمان مقام الفاعل في قولهم: سير عليه طوران, وسير عليه مرتان وشهران, فكذلك قوله: مرتان, وإذا كان كذلك, كان قولهم: أنت طالق واحدة, كأنك قلت: أنت طالق مرة, وأنت طالق ثنتين, أي: مرتين, وكذلك ثلاثًا, فيكون ذلك ظرفًا من الزمان.

ويجوز فيمن نصب ثلاثًا في البيت أن لا يجعله على عزيمة, ولكن يحمله على فعل مضمر, كأنه لما لم يجز أن يحمله على طلاق الأول, ولا على طلاق الثاني, وكان المعنى والمراد أن يكون الثلاث محمولًا على الطلاق, أضمر طلقت, ودل عليه ما تقدم من ذكر الطلاق, فكأنه قال: طلقتك ثلاثًا. فأما حمل الثلاث على التفسير في قولهم: أنت طالق ثلاثًا, فليس ذلك من مواضع التفسير, ألا ترى أن التفسير جميع ما كان منتصبًا منه, فقد نص النحويون على جواز إدخال «من» فيه, وأن منه ما يرده إلى الجميع, ومنه ما يقره على الواحد, كقولهم: عشرون من الدراهم, ولله دره من رجل, ولا يجوز ذلك في هذا, ألا ترى أنه لا يستقيم: أنت طالق من واحد, ولا من العدد, ولا ما أشبه ذلك, فإذا كان كذلك لم

<<  <  ج: ص:  >  >>