رجعنا إلى البيت. قوله: يشكرها, أي: يقبلها ويضاعفها, كأنه قصد معنى قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. ومن جاء بالسية فلا يجزى إلا مثلها) [الأنعام/١٦٠] وقوله: والشر بالشر عند الله مثلان: فيه حذف معطوف, والتقدير: والشر والمكافأة بالشر مثلان. وبهذا التقدير صح وقوع المثنى خبرًا, والباء متعلقة بالمحذوف, وعند متعلقة بمثلان. والمعنى: إن الله تعالى لا يجزي بالشر إلا شرًا مثله من غير زيادة, وأما الخير, فيضاعفه ما شاء فضلًا وكرمًا.
ويروى: «سيان» بدل مثلان, أي: متساويان, مثنى سي, وهو المثل المساوي. وقال ابن الملا: والشر: مبتدأ, خبره: بالشر, والباء فيه للمقابلة والعوض, ومثلان: خبر مبتدأ محذوف, أي: هما مثلان, والجملة مستأنفة لتحقيق معنى العوض. وذهب المراغي في شرح شواهد «المفصل» إلى أن الشر مبتدأ, ومثلان خبره, والتقدير: والشر في مقابلة الشر مثلان متساويان عند الله تعالى, فأشكل عليه متعلق الباء, فوقع في حيص بيص, فقالك وأما الباء ففي متعلقه نظر, لا يكون حالًا من الشر, لأنه مبتدأ, والمبتدأ لا ينشأ عنه الحال, ولا بيان لأنه خبر عنهما يجب تأخره, فكأنه متعلق بما في الكلام من معنى الفعل, كأنه قال: فعل الشر الثاني في مقابلة الشر الأول مجازاة, يتساويان عنده, ومعنى التساوي فيه أن الشر جزاؤه واحد, وأما الحسنة فلا يحصى جزاؤها. انتهىز ومع ما فيه من التكلف, يلزمه الإخبار عن المفرد بالمثنى, ولا ينفعه التأويل, المذكور. هذا آخر كلام ابن الملا.
وقبل هذا البيت بيتان وهما:
إن يسلم المرء من قتل ومن هرمٍ ... للذة العيش أفناه الجديدان
فإنما هذه الدنيا وزينتها ... كالزاد لابد يومًا أنه فاني