للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول عائشة رضي الله تعالى عنها: وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة, طافوا طوافًا واحدًا. وقول البراء بن عازب: أما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم, لم بول حينئذ. قلت: «أما» حرف قائم مقام أداة شرط والفعل الذي يليلها, فلذلك يقدرها النحويون بمهما يكن من شيء, وحق المتصل بالمتصل بها أن تصحبه الفاء نحو: (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق) [فصلت/١٥] ولا تحذف هذه الفاء غالبًا إلا في شعر, أو مع قول أغنى عنه مقوله, نحو: (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم) [آل عمران/١٠٦] أي: فيقال لهم: أكفرتم, ومن حذفتها في الشعر قول الشاعر:

فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرًا في عراض الكتائب

أراد: فلا قتال لديكم, فحذف الفاء لإقامة الوزن, وقد خولفت القاعدة في هذه الأحاديث, فعلم بتحقيق عدم التضييق, وأن من خصه بالشعر أو بالضرورة المغنية عن النثر مقصر في فتواه, وعاجز عن نصرة دعواه. انتهى كلامه.

وتبعه الدماميني فقال في «المزج»: لقائل أن يمنع كونه ضرورة لاستعماله في السعة, فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال: «أما بعد, ما بال رجال .. » الحديث, وقال أيضًا: «أما موسى كأني أنظر إليه» وقال أيضًا: «أما بعد, أسيروا علي في أناس ابنوا أهلي» وقال أيضًا في حديث الفتح يخاطب الأنصار: «أما الرجل قد أخذته رأفة بعشيرته, ورغبة في قريبة» وقال عمر رضي الله تعالى عنه: أما بعد, يا أيها الناس, إنه نزل تحريم الخمر. وقالت عائشة, رضي الله تعالى عنها: وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة, طافوا طوافًا واحدًا. وقال البراء بن عازب: أما رسول الله, صلى الله تعالى عليه وسلم, لم يول يومئذ. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>