ثانيها: أنه لا يلزم من إخباره بأن سحائب الخريف إن سقته بعد ذلك, حصول الري المستمر له, وإنما يلزم حصول الري المستمر أن لو أخبر أن سحائب الخريف إذا سقته بعد ذلك يروى.
ثالثها: أن دعواه أن الإتيان بإما التي لأحد الشيئين, لا يتأتى معه الوصف بالري على الدوام, محصلها دعوى المنافاة بين دوام الري والسقي من أحد الشيئين, وهي ممنوعة لصحة قولنا: دائمًا الري حاصل, إما من سقي سحائب الصيف, وإما من سقي سحائب الخريف. فالقضية, وإن كانت حملية, لكنها شبيهة بمنفصلة مانعة الخلو, فهي في حكمها, وقيد الدوام عندهم سور الإيجاب الكلي في باب المنفصلات. وأما الجواب بمنع لمجرد أحد الشيئن, بل هي لتفصيل المسقي منه, وحينئذ مع الإتيان بها يلزم الري دائمًا, ففيه أن المختار فيها, وفي «أو» أنهما لأحد الشيئين أو الأشياء. هذا كلامه, ومن خطه نقلت.
وقد جوز الفارسي أن تكون إن شرطية, والألف في يعدمان ضمير المثنى, فقال في «البغداديات» بعدما نقلناه عنه: ويحتمل أن يكون المعنى: سقت الرواعد من السحاب هذه العين, أو هذا الوعل, وإن سقت العين أو الوعل من الخريف, فلن تعم العين السقي, والوعل الري. ودفع بعضهم هذا وقال: لا معنى له. وليس كذلك, لأنه غير ممتنع, إلا أن التأويل الأول أسهل في المعنى, وأدخل فيما يعترضه الشاعر, وإن اعترض في لفظه حذف «إما» الأولى, لأن الثانية تدل عليها. والفاء في «فلن» على هذا التأويل جواب الجزاء, وفي التأويل الأول عاطفة جملة على جملة. انتهى كلامه. ولعل هذا الكلام شرح لقول الأصمعي: أن «إن» شرطية وتكون الألف في بعدما عنده ضمير المثنى. وقول المصنف: وقال أبو عبيدة «إن» في البيت زائدة نقله عنه الفارسي في كتاب «الشعر» قال: وزعم أبو عبيدة «إن» زائدة وجاءت زيادتها هنا كما جاءت زيادتها في نحو: ما إن فعلت. وهذا كقولك: ضرب القوم زيدًا من داخل ومن