للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة لمسجورة, وكذلك رواه ثعلب عن سعدان عن الأصمعي, وفي كتابنا «كتاب» سيبويه: سقته, فيجوز أن يكون رجع إلى الوعل, أو حمله على المعنى, والوجه أن يكون للعين, فيكون المعنى: سقت الرواعد من السحاب هذه المسجورة, إما من صيف وإما من خريف, أي: فهي على كل أحوالها لا تعدم السقي إما صيفًا, وإما خريفًا, وذلك في صفة هذه العين أرخى ليال هذا الوعل. وفاعل: يعدم, على هذا: العين. انتهى كلامه. أقول: إذا كان فاعل يعدم, العين المسجورة, يجب أن يكون: تعدم, بالمثناة الفوقية, إنما هو بالمثناة التحتية. وظهر من تقريره, ومن تقرير ابن ولاد, أن وصف الوعل بالري دائمًا إنما هو لأن عنده عينًا يشرب منها متى شاء, وتلك العين يمدها سحائب الصيف والخريف.

ولما لم يقف الفاضل الدماميني على الأبيات وعلى كلاهما, ظن أنه ليس المراد ريه, وإنما المعنى ما قاله الأصمعي من تلك السحائب, فقال: لا نسلم أن المقصود وصف هذا الوعل بالري على كل حال, وإنما الغرض وصف حاله بحسب الواقع, فأخبر أولًا بما وقع من سقي سحائب الصيف له, وذلك مقتض لربه منها, ثم أخبر بأن سحائب الخريف إن سقته بعد ذلك حصل له الري المستمر, ولو سلم أن المقصود ما ذكر من وصفه بالري دائمًا, فمع الإتيان بإما التي هي لأحد الشيئين, لا يلزم ذلك. انتهى.

ورد عليه ابن الملا بوجوه:

أحدها: كيف لا يكون الغرض ذلك, وهو بصدد بيان نجاته من الحتف, إذ المراد أنه لو نجا حيوان من الموت, لنجا هذا الوعل الذي تكفل له ربه برزقه, وأسكنه أخصب أرضه, فهو في ري لا ينقطع, وطيب عيش مستمر من غير حيلة منه. ولو كان وصف حاله بحسب الواقع, لم يكن في تخصيصه بالذكر فائدة, إذ كل مخلوق شأنه من اللطف الإلهي مثل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>