فالأولى تعليل حذفها بالضرورة أيضًا: ومحصل كلامه أن عديل «إن» حذف الأول, فالمحذوف, إما نقدره «إما» وإما نقدره «إن» فيكون التقدير: إن من صيف وإن من خريف, فحذفت إن الأولى لدلالة الثلانية عليها, وأصلهما: إما, فحذفت منها «ما» كما في قوله: فإن جزعًا وإن إجمال صبر. وقال النحارس بعد نقل كلام المبر: ولم يحتج أبو الحسن لسيبويه في هذا بشيء, وكأن القول عنده ما قال الأصمعي على سيبويه في اللغة وقال: هذا أعلم باللغة, وهذا أعلم بالنحو, يعني سيبويه. وأن أستاذ سيبويه الخليل قد أخذ عن الأصمعي شيئًا من اللغة, ولم يكن أبو إسحاق الزجاج يميل إلى شيء من هذا, وقال من نظر إلى «كتاب» سيبويه, وما ذكر فيه من الأبنية, وقف على تقدمه على الجماعة في اللغة, قال: والقول ما قاله سيبويه, لأنه وصفها بالخصب, وأنها لاتعدم الري ما سقتها الرواعد إما من صيف وإما من خريف, فلن تعدم الري.
وعلى مذهب الأصمعي والمبرد أنه إن لم يسقها الخريف عدمته, لأنه قال: وإن سقتها لن تعدم الري, وإن أراد أنها لا تعدم الري البتة, فهذا قول سيبويه, ألا ترى أن قبله: إذا شاء طالع مسجورة .. البيت. انتهى.
وقال الفارسي في «البغداديات» أقول: إن الشاعر قال هذا البيت في أبيات يصف فيها وعلًا, وقبله:
إذا شاء طالع مسجورة ... يرى حولها النبع والساسما
تكون لأعدائه مجهلًا ... مضلًا وكانت له معلما
سقتها الرواعد من صيف .. البيت
وقوله: مسجورة, يريد: عينًا كثيرة الماء, أي: إذا شاء هذا الوعل طالع مسجورة, فقوله: تكون, صفة لمسجورة, وكذلك: سقتها, يكون