والألف الثانية من "أالخير" وصل دخلت عليها ألف الاستفهام وكان القياس أن تحذف، لكنها خففت بتسهيلها بين بين، إذ لولا ذلك لم يتزن البيت، ولا سبيل إلى دعوى تحقيقها، لأنه لا قائل به، وهمزة بين بين عند البصريين متحركة بحركة ضعيفة ينحى بها نحو السكون، ولذلك لا تقع إلا حيث يقع الساكن غالبًا، ولا تقع في أول الكلام بحال. وفيه رد على الكوفيين في دعوى سكونها، لأنها في مقابلة ثاني أحرف وتد مجموع وهو لن يكون ساكنًا، ولأنها لو كانت ساكنة لزم التقاء الساكنين على غير حده، وروي:
أم الشرُّ الذي لا يأتليني
قال ابن الأنباري: أي: لا يألو في طلبي، أي: لا يقصِّر.
والمثقِّب العبدي: شاعر جاهلي قديم كان في زمن عمرو بن هند، قاله ابن قتيبة في كتاب الشعراء. وقال: اسمه محصن بن ثعلبة – بكسر الميم، وفتح الصاد – وسمي المثقب لقوله في هذه القصيدة:
رددن تحيَّة وكففن أخرى ... وثقَّبن الوصاوص للعيون
وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: لو كان الشعر كله على وزن هذه القصيدة لوجب على الناس أن يتعلموه. انتهى.
وقال ابن الأنباري اسمه عائذ بن محصن بن ثعلبة وأنهى، نسبه إلى عبد القيس ابن أفصى بن دعمي بن أسد بن جديلة بن ربيعة بن نزار، والمثقب: اسم فاعل من ثقب تثقيبًا بالثاء المثلثة، وصحفه الدماميني بالنون، وهو لقب له لقوله ذلك البيت، والعبدي: نسبة إلى عبد القيس، ويقال في النسبة إليه عبقسي أيضًا.