المقدمة من المفعول، واستعير الغث للغش، والسمين للنصح. ومن الثانية للتمييز متعلقة بأعرف. والمروي في المفضليات "غثي أو سميني" والغث، بالفتح: وصف من غث اللحم إذا صار مهزولًا. وقوله: وإلا فاطرحني، بتشديد الطاء المفتوحة من الطرح، أراد به الترك. وقوله: عدوًا أتقيك ... إلخ، كان الظاهر أن يقول: عدوًا تتقيه وأتقيك، لكنه راعى المعنى، وقوله: وما أدري إذا يممت ... إلخ، ما: نافية، وأدري: أعلم، ويممت: قصدت وجملة "أيهما يليني" في موضع المفعول لأدري، لأنه معلق عن العمل باسم الاستفهام. وإذا: ظرف لأدري. وأنشده الفراء في تفسيره عند قوله تعالى:(لَيْسُوا سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ ... )[آل عمران/ ١١٣]، قال: ذكر أمة، ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبني على أخرى، لأن "سواء" لابد لها من اثنين فما زاد، كأنك قلت: لا تستوي أمة صالحة وأخرى كافرة، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان في الكلام دليل عليه، ثم أنشد هذين البيتين، وكذا أنشدهما عند قوله تعالى:(إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ)[يس/ ٨]، قال: كنيّ عن هي، وهي للأيمان ولم تذكر، وذلك أن الغل لا يكون إلا في اليمين، والعنق جامعًا لليمين والعنق، فيكفي ذكر أحدهما من صاحبه، ثم أنشدهما فقال: كنى عن الشر، وإنما ذكر الخير وحده، وذلك أن الشر يذكر مع الخير. انتهى كلامه.
وكأنه يريد أن التقدير: أريد الخير لا الشر، ولا يجوز أن يكون التقدير أريد الخير والشر، لأنه غير مراد له بدليل ما بعده، فيكون من حذف المعطوف بلا النافية وهو غريب. وقوله: أألخير الذي ... إلخ، هو من شواهد "شرح الشافية" للرضي، والشر: بدل من "أي" ولهذا قرن بحرف الاستفهام،