للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما البيت الأول فمعناه: لنفسي تقاها إن كنت متقيًا، أو عليها فجورها إن كنت فاجرًا، فأو فيه لأحد الشيئين، وليست بمعنى الواو. وأما البيت الثاني فالذي وقفت عليه في إنشاده في كتب الشعر والأدب "إذ كانت" فلعل الذال تصحفت بالواو، وهو تصحيف قريب. انتهى.

وأنا أقول: عندي نسختان صحيحتان قديمتان من ديوان جرير، وفي كليهما "إذ" لا "أو" ولكن في إحداهما: "جاء الخلافة إذ كانت له قدرًا" وفي الثانية "نال الخلافة إذ كانت له قدرًا" وقال جامع ديوانه وهو محمد بن حبيب: ويروى: "عز الخلافة إذ كانت له قدرًا" وكأن هذه الرواية اشتهرت، وتلك الرواية تركت، ولا تؤثر هذه الرواية طعنًا في ما رواه الجماعة، لأنهم ثقات، والله تعالى أعلم.

والبيت من قصيدة لجرير، مدح بها عمر بن عبد العزيز بن مروان الخليفة الأموي. وروى صاحب "الأغاني" وغيره أن عمر لما استخلف وفد الشعراء إليه، وأقاموا ببابه أيامًا لا يؤذن لهم، فبيناهم كذلك وقد أزمعوا على الرحيل، إذ مر بهم عدي بن أرطاة، فقال له جرير:

يا أيُّها الرَّجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إنِّي قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أنِّي لدى الباب كالمصفود في قرن

لا تنس حاجتنا لقيِّت مغفرة ... قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني

فدخل عدي على عمر، فقال: الشعراء ببابك، وسهامهم مسنونة، وأقوالهم نافذة، فقال: ويحك يا عدي! مالي وللشعراء؟ قال: أعز الله أمير المؤمنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>