للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن "أو" فيه بمعنى الواو، لأن سواء وسيّين يطلبان شيئين، فلو جعلت أو لأحد الشيئين لكان المعنى: سيّان أحدهما، وهذا كلام مستحيل، قال أبو علي في كتاب "الشعر": والذي حسن ذلك للشاعر أنه يرى "جالس الحسن أو ابن سيرين" فيستقيم له أن يجالسهما جميعًا، و"كل الخبز أو التمر" فيجوز له أن يجمعهما في الأكل، فلما صارت مجرى الواو في هذه المواضع، استجاز أن يستعملها بعد سي، ولم نعلم ذلك جاء في سواء، وقياسه سيان. انتهى. وأوضحه في كتاب "الحجة" في أول سورة البقرة عند قوله تعالى: (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ) [البقرة/ ٦] التسوية لا تكون إلا بين شيئين فصاعدًا، فإن قلت: فقد قال أبو عمرو: إن الأصمعي أنشد [هم] لرجل من هذيل:

وكان سيَّان أن يسرحوا نعمًا ... أو يسرحوه بها واعبرَّت السوح

فأنشدهموه بأو، وسيان مثل سواء، ألا ترى أنه لا يستقيم: زيد أو عمرو سيان، كذلك لا يستقيم مع سواء، ولا تكون أو بمنزلة الواو، فالقول في ذلك أن هذا على ظاهر الاستحالة، وإنما استجاز هذا الكلام بأو لأنه يراه يقول: جالس الحسن أو ابن سيرين؛ فيجوز له أن يجالسهما ويسمع (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) [الإنسان/ ٢٤] فلا يطيعهما، كما أنه إذا قيل له ذلك بالواو كان كذلك. فلما رآها تجري مجرى "الواو" في نحو هذه المواضع أجراها مجراها مع "سواء" و"سيان" فهذا كلام حقيقته ما ذكرنا، والذي سوغه عند قائله ما وصفنا، وكذلك قول المحدث:

سيَّان كسر رغيفه ... أو كسر عظم من عظامه

انتهى كلامه.

وكتب أبو اليمن الكندي في هامشه: هذا البيت لأبي محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>