للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليزيدي صاحب أبي عمرو ابن العلاء.

وأخذه ابن جني فوضعه في كتاب "الخصائص" وسماه تدريج اللغة، فقال: وذلك، أي: تدريح اللغة أن يشبه شيء شيئًا من موضع، فيمضي حكمه على حكم الأول، ثم يرَّقى منه إلى غيره، فمن ذلك قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين، فلو جالسهما جميعًا، لكان مصيبًا مطيعًا لا مخالفًا، وإن كانت [أو] إنما هي في أصل وضعها لأحد الشيئين، وإنما جاز ذلك في هذا الموضع لا لشيء رجع إلى نفس "أو" بل لقرينة انضمت من جهة المعنى إلى "أو" وذلك لأنه قد عرف أنه إنما رغب في مجالسة الحسن، لما لمجالسة في ذلك من الحظ، وهذه الحال موجودة في مجالسة ابن سيرين أيضًا، فكأنه قال: جالس هذا الضرب من الناس، وعلى ذلك جرى النهي في هذا الطرز من القول في قوله تعالى: (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) [الإنسان/ ٢٤] فكأنه – والله تعالى أعلم – قال: لا تطع هذا الضرب من الناس. ثم إنه لما رأى "أو" في هذا الموضع قد جرت مجرى الواو، تدرَّج من ذلك إلى غيره، فأجراها مجرى الواو في موضع عار من هذه القرينة التي سوَّغت استعمال "أو" في معنى الواو، ألا تراه كيف قال:

فكان سيَّان أن لا يسرحوا نعمًا .. البيت

<<  <  ج: ص:  >  >>