للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحكم كحكم فتاة الحيِّ إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثَّمد

يحفُّه جانبا نيق وتتبعه ... مثل الزُّجاجة لم تكحل من الرَّمد

قالت ألا ليتما ... . . . . . . إلى آخر البيتين

فكَّملت مائةً فيها حمامتها ... وأسرعت حسبةً في ذلك العدد

قوله: فاحكم كحكم فتاة الحي، أي: كن حكيمًا كهذه الفتاة أي: أصب في أمري كإصابتها في حدسها بالنظر الصحيح، ولا تسمع كلام مفترٍ، وسعاية واشٍ في حقي. وهو من الحكم الذي يراد به الحكمة لا القضاء، وكلاهما من باب نصر. وأراد بفتاة الحي: زرقاء اليمامة، واليمامة اسمها، وسميت البلدة باسمها، وقيل: اسمها عنز، وفي الأمثال: "أبصر من زرقاء اليمامة" قال الزمخشري: هي من بنات لقمان بن عاد، ملكة اليمامة، وهي إحدى الزرق الثلاث أعينها، والزباء والبسوس، وكانت جديسية، وحين قتلت جديس طسمًا استجاس قبيلة طسم حسان بن تبع، فلما صاروا من جر - وهي اليمامة على - مسيرة ثلاث ليال، صعدت الأطم، فنظرت إليهم، وقد استتر كل بشجرة تلبيسًا عليها، فارتجزت بقولها:

أقسم بالله لقد دبَّ الشَّجر ... أو حمير قد أخذت شيئًا تجر

فكذبها قومها، فما تأهبوا حتى صبحهم الجيش، ولما ظفر حسان بها قال: ما كان طعامك؟ قالت: درمكة في كل يوم بمخ، قال: فبم كنت تكتحلين؟ قالت: بالإثمد، وشق عينها فرأى عروقًا سودًا من الإثمد، وهي أول من اكتحل بالإثمد من العرب، انتهى المقصود منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>