للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السيوطي: ما بعد المصراع:

ويحيي العظام البيض وهي رميم

لقد كنت أختار القرى طاوي الحشا ... محاذرة من أن يقال لئيم

قال: وهما لحاتم الطائي، ولقد صدق، فإن مثل هذا الشعر لا يليق بغيره من الأعراب، وإنما هذا الشعر من لهجته، الدالة على كرم طبعه وبهجته.

والغيب كما في "المصباح: " كل ما غاب عنك، والرميم: البالي، من رمَّ العظم يرمُّ من باب ضرب: إذا بلي. وفي الرواية الثانية: "ويحيي العظام البيض" أي: التي فني لحمها، وظهر بياض العظم، وهذا كقوله تعالى: (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس/ ٨٧] ووجهه أن فعيلًا وفعولًا قد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع، نحو: صديق وظهير وعدوّ ورسول، وعليه الجوهري. وهذا كلام يدل على أن قائله ممن يؤمن بالحشر من أهل الجاهلية.

وقوله: لقد كنت أطوي البطن، أي لم آكل شيئًا، وهو من باب طوى. يطوي طيًا، من باب رمى إذا ترك الأكل وتعمد الجوع، وأما طوي يطوي طوى من باب فرح، فمعناه جاع جوعًا، كذا في "الصحاح" وقوله: والزاد يشتهي، بالبناء للمفعول، والأصل: يشتهيه الناس، وذلك عند الجدب والقحط. والزاد: ما يؤكل. وفي الرواية الثانية: "أختار القرى طاوي الحشا" والقرى: إكرام الضيف بالطعام، وطاوي: حال من فاعل اختار، وهو من باب رمى، أي: مجيع البطن، قال صاحب "النهاية": ومنه الحديث: "يبيت شبعان وجاره طاوٍ" والحديث الآخر "يطوي بطنه عن جاره" أي: يجيع نفسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>