روى السكري عن ابن حبيب قال: ذكروا أن الأنصار اجتمعوا في مجلس، فتذاكروا هجاء النجاشي إياهم، فقالوا: من له؟ فقال الحارث بن معاذ بن عفراء: حسان له، فأعظم ذلك القوم، وقالوا: نأتي حسان، وإن طعامه ليغلبه من ضعف حنكه! نعرضه للنجاشي فلعله يغلبه، ولم يغلبه أخد قط! ؟ لا نفعل. قال: والله لا أنزع عني قميصي حتى آتيه، فأذكر له. فتوجّه نحوه، والقوم كلهم معظم لذلك، فلما دخل عليه كلمّه فقال: أين أنتم عن عبد الرحمن؟ ! قال: إياك أردنا، قد قاوله عبد الرحمن فلم يصنع شيئًا، فوثب وقال: كن وراء الباب واحفظ ما ألقي، فضربته زافرة الباب فثجته على حاجبه، فقال: بسم الله، اللهم اخلف فيَّ رسولك، صلى الله تعالى عليه وسلم اليوم. فقال الحارث: فعرفت حين قالها ليغلبنَّه، فدخل وهو يقول:
أبني الحماس أليس منكم ماجد ... إنَّ المروءة في الحماس قليل
وهي أبيات ستة ثم مكث طويلًا في الباب يقول: والله ما أبحرت، أي: لم أبلغ ما أريد، ثم ألقى عليه فقال:
حار بن كعب ألا أحلام تزجركم ... إلى آخر الأبيات التي تقدمت