وعلى هذا، يكون بين البيتين وتلك الأبيات مخالفة في حركة الروي بالفتح والكسر، وهو العيب المسمى بالسناد.
والبيت الأول من شواهد سيبويه، أنشده في باب النداء، ونسبه إلى عمرو ابن قعاس. قال الأعلم: الشاهد فيه رفع البيت، لأنه قصده بعينه، ولم يصفه بالمجرور بعده فينصبه، لأنه أراد: لي بالعلياء بيت، ولكني أوثرك عليه لمحبتي في أهلك. انتهى.
واستشهد به أبو علي أيضًا على أن العلياء اسم لا وصف، والعلياء: موضع بعينه، أبدلت لامه ياءً على غير القياس، والعلياء أيضًا: رأس كل جبل، لكنه استعمل استعمال الأسماء، ومثله في الشذوذ: داهية دهياء، والأصل: دهواء، بدليل قولهم: داهية دهويَّة، وزعم الفراء: أن علياء مبنية على عليت، ورده أبو علي بأن علياء اسم، وعليت فعل: فلا معنى لحمله عليه، كذا قال شارح شواهده. وقوله: كأني كل ذنبهم جنيت. قال النحاس: قال المازني: معناه: كأنني كل ذنب أتاه إليهم آت أنا أتيته. وقوله فاستميت، أي: علوت عن سماع عذلهن، ووزنه "افتعلت" من السمو، يقول: أنا أعلى من أن ألام على شيء، وهل من راشد لي إن غويت؟ أي: أنا أرشد الغواة، فكيف أحتاج