والآخر، وعلى أن يكون مقطوعًا من الأول، قال تعالى:(سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)[الفتح/ ١٦] إن شئت على الإشراك، وإن شئت كان على: أو وهم يسلمون. وقال ذو الرمة:
حراجيج ما تنفكُّ إلّا مناخةً ... .. البيت
فإن شئت كان على: لا تنفك نرمي بها، أو على الابتداء. انتهى. يريد بالأول: العطف على خبر تنفك، وبالثاني: القطع.
قال النحّاس: سألت عنه عليًا – يعني: الأخفش الصغير – فقال: لك أن تجعل "نرمي" معطوفًا، ولك أن تقطعه، ولك أن تقدر "أو" بمعنى إلى أن، وتسكن الياء في موضع نصب. انتهى.
وقال السيرافي: وقوله: أو نرمي بها بلدًا قفرًا، فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون معطوفًا على خبر تنفك، وهو على الخسف. كأنك قلت: لا تزال على الخسف، ولا تزال نرمي بها بلدًا قفرًا، ويجوز أن يكون على الابتداء، أي: ونحن نرمي بها بلدًا قفرًا، وكذا قال الأعلم، قال: الشاهد فيه رفع نرمي على القطع. ويجوز حمله على خبر تنفك، والتقدير: ما تنفك تستقر على الخسف أو نرمي بها القفر. انتهى.
والحراجيج: جمع حرجوج – كعصفور -: الناقة الضامرة، قاله أبو زيد، وروي بدله:"قلائص" جمع قلوص، وهي الناقة الشابة. وقوله: ما تنفك إلا مناخة، يريد أنها تناخ معدَّة للسير عليها، فلا ترسل من أجل ذلك في المرعى، والخسف بفتح الخاء المعجمة النقيصة، يقال: رضي بالخسف، أي: بالنقيصة، وبات على الخسف، أي: جائعًا، وربطت الدابة على الخسف، أي: على غير علف. وعلى بمعنى الباء.