استدل بهذا البيت يونس على إعمال "ما" مسع انتقاض نفيها بإلا، وأجيب بأن المضاف محذوف من الأول، أي: دوران منجنون، ومعذبًا: مصدر، كقوله تعالى:(وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)[سبأ/ ١٩] يريد: أن الأول أصله: وما الدهر إلا يدور دوران منجنون، ويدور: خبر المبتدأ، فحذف هو والمصدر، وأقيم منجنون مقام المصدر، وأن الثاني أصله: وما صاحب الحاجات إلا يعذب معذبًا، أي: تعذيبًا، فيعذب: خبر المبتدأ، فحذف وبقي مصدره؛ فلا عمل لـ"ما" في الموضعين.
وخرجه صاحب "اللب" على أنه بتقدير: وما الدهر إلا يشبه منجنونًا، وما صاحب الحاجات إلا يشبه معذبًا؛ فهما منصوبان بالفعل الواقع خبرًا، ومعذب، على هذا: اسم مفعول، وهذا أقل كلفة، وقال شارحه السيد عبد الله: ويجور أن يكون – أي: منجنونًا – منصوبًا على الحال، والخبر محذوف، أي: وما الدهر موجودًا إلا مثل المنجنون لا يستقر في حاله، وعلى هذا تكون عاملة قبل انتقاض النفي، وكذا يكون التقدير في الثاني، أي: وما صاحب الحاجات موجودًا إلا معذبًا. ولا تقدر هنا "مثل" لأن الثاني هو الأول. وقال المصنف في "شرح أبيات ابن الناظم": وجوز ابن بابشاذ؛ أن يكون الأصل: إلا كمنجنون، ثم حذف الجار فانتصب المجرور، ومن زعم أن كاف التشبيه لا يتعلق بشيء فهذا التخريج عنده باطل؛ إذ كان حقه أن يرفع المجرور بعد حذفها، لأنه