للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن "إلى" فيه بمعنى من الابتدائية، أي: فلا يروى مني، لأن هذا الفعل يتعدى بمن، يقال: روي زيد من الماء يروى، بكسر الواو في الماضي، وفتحها في المضارع. قال ابن عصفور: وقول ابن أحمر:

أيسقى فلا يروى إليَّ ابن أحمرا

فهو على ظاهره من وقوع إلى فيه موضع من، والذي سهل ذلك أن الري ضد الظمأ، والظمأ يتعدى بإلى، يقال: ظمئت إلى الماء، فعدى يروى بإلى حملًا على ضدها، وهو يظمأ، لأن العرب كثيرًا ما تجري الشيء مجرى ضده. انتهى.

وقال أبو حيان في شرح "التسهيل": وخرجه ابن عصفور على أنه أراد: فلا يروى ظمؤه إلي، فحذف المضاف وأقيم الضمير مقامه، فاستتر في الفعل، والعامل في إلى "ظمأ" المحذوف، وهو مصدر محذوف، وذلك يجوز في الضرورة. انتهى.

والبيت من قصيدة طويلة لعمرو بن أحمر، قالها حين هرب من يزيد بن معاوية، وكان اتصل به عنه أنه هجاه، فطلبه ففر، وقبله:

فلمَّا غسى ليلي وأيقنت أنَّها ... هي الأربى جاءت بأمِّ حبوكرا

فزعت إلى القصواء وهي معدَّة ... لأمثالها عندي إذا كنت أوجرا

كثور العذاب الفرد يضربه النَّدى ... تعلَّى النَّدى في متنه وتحدَّرا

تقول وقد عاليت بالكور فوقها ... البيت

وغسى، بالغين المعجمة: أظلم، والأربى، بضم الهمزة، وفتح الراء المهملة والموحدة، بعدها ألف مقصورة: الداهية، وأم حبوكر؛ ويقال أيضًا: أم حبوكرى بالقصر، كنية الداهية، وهي بفتح الحاء المهملة والموحدة، وسكون الواو وفتح الكاف. وفزعت، من باب فرح: لجأت، والمفزع: الملجأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>