وقوله: أيهما: ضمير الاثنين، راجع على نصر وعلى السماكين إجراءً لهما مجرى الواحد، لأنه المراد، ولهذا وحد الضمير في "مواطره". ونقل ابن الملاعن ابن القاص أنه إنما يقال: نوء السماك، وقد غلط ابن مقبل في نسبة المطر إلى السماكين حيث قال:
وغيث مغبٍّ لم يجدّع نباته ... ولته أهاليل السِّماكين معشب
وذلك أن العرب لا تنسب النوء والمطر إلى غير منازل القمر، ألا ترى قول قائلهم:
أولئك معشري كبنات نعش ... خوالف لا تنوء مع النجوم
يقول: لا نفع عندهم، كبنات نعش لا نوء لها، والخالفة: من لا خير عنده، لأن بنات نعش ليس من منازل القمر. انتهى. وهذا تهور منه، وحكمة التثنية تحقيق الماطر منها، ونظيره قوله تعالى:(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)[الرحمن/ ٢٢] وإنما يخرجان من أحدهما، وهو البحر الملح دون العذب. وقوله:"علي" متعلق باستهلت، والاستهلال: كثرة الانصباب، والمواطر: جمع ماطرة. أراد: السحب المواطر، والغيث: المطر، وقد بالغ في ممدوحه بجعله معادلًا للمطر في النفع العام. وترجمة الفرزدق تقدمت في الإنشاد الثاني.