للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبه إلى بكر بن وائل، وكان أبوه قيس يدعى قتيل الجوع، وذلك أنه كان في جبل فدخل غارًا، فوقعت صخرة من الجبل، فسدت فم الغار فمات فيه جوعًا، وكان الأعشى من فحول شعراء الجاهلية، سلك في شعره كل مسلك، وقال في أكثر أعاريض العرب، وليس فيمن تقدم من فحول الشعراء أكثر شعرًا منه، قالوا: وكانت العرب لا تعد الشاعر فحلًا حتى يأتي ببعض الحكمة في شعره. وسئل ابن أبي حفصة: من أشعر العرب؟ قال: شيخا وائل: الأعشى في الجاهلية، والأخطل في الإسلام. وسئل يونس النحوي: من أشعر الناس؟ قال: لا أومئ إلى رجل بعينه، ولكني أقول: امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا وهب، وزهير إذا رغب، والأعشى إذا طرب.

وهو أول من سأل بشعره، وكانوا يسمونه صناجة العرب لجودة شعره، وقيل: لأنه أول من ذكر الصنج في شعره، وهو ممن أقر بالملكين الكاتبين في شعره، وقد كانت العرب ممن أقام على دين إسماعيل إذا حلفت تقول: وحق الملكين، وكان الأعشى ممن أقام على دين إسماعيل، والقوم بالأنبياء عليهم السلام. قالوا: والأعشى ممن اعتزل وقال بالعدل في الجاهلية، من ذلك قوله:

استأثر الله بالوفاء وبالعدل ... البيت

ومدح نبينا صلى الله عليه وسلم، بقصيدة دالية، وقصده من اليمامة ليسلم، ولما كان بمكة صدَّه مشركوا قريش، فرجع، فلما كان بناحية اليمامة ألقاه بعيره فوقصه، ومات على كفره. وسيأتي شرح هذه القصيدة، وذكر صدهم إياه في حرف اللام إن شاء الله تعالى.

قال ابن قتيبة في كتاب "الشعراء": وكان الأعشى يفد على ملوك فارس، ولذلك كثرت الفارسية في شعره. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>