والبيت الشاهد من مقطوعة تسعة أبيات لأبي ذؤيب الهذلي أولها.
جمالك أيُّها القلب القريح ... ستلقى من تحبُّ فتستريح
نهيتك عن طلابك أمَّ عمرو ... بعاقبة وأنت إذ صحيح
وقلت تجنَّبن سخط ابن عمِّ ... ومطلب شلَّة وهي الطَّروح
قال الإمام المرزوقي في شرحه: يجوز أن يكون المراد: الزم جمالك الذي عرف منك وعهد فيما تدفع إليه وتمتحن به، أي صبرك المألوف المشهور، ويجوز أن يكون المعنى: تصبر وافعل ما يكون حسنًا بك، والمصادر يؤمر بها توسعًا مضافة ومفردة، وهذا الكلام بعث على ملازمته الحسنى، وتحضيض ووعد بالنجاح في العقبى وتقريب.
وقوله: نهيتك عن طلابك ... إلخ. يذكر قلبه بما كان من وعظه له في ابتداء الأمر، وزجره من قبل استحكام الحب، فيقول: دفعتك، عن طلب هذه المرأة بعاقبة، أي: بآخر ما وصيتك به، وهذا كما تقول لمن تعتب عليه فيما لم يقبله: كان آخر كلامي معك تحذيرك ما تقاسيه الساعة، ولست تريد أن تلك الوصاة كانت مؤخرة عن غيرها، ومردفة سواها، مما هو أهم منها، ولكنك تنبه على أن الكلام كان مقصورًا عليها أولًا وآخرًا.
ويجوز أن يكون المعنى: نهيتك عن طلبها بذكري ما يفضي أمرك إليه، وتدور عاقبتك عليه، وأنت بعد سليم تقدر على التملُّس منها، وتملك أمرك وشأنك في حبها، وكأنه كان رأى لتلك الحالة عواقب مذمومة، تحصل على واحدة على طريق البدل من صاحبها، وكان ذكرها كلها، فلذلك نكر العاقبة.
ويجوز أن يريد: نهيتك بعقب ما طلبتها، أي: كما طلبتها زجرتك عن قريب، لأن مبادئ الأمور تكون ضعيفة، فيسهل فيها كثير مما يصعب من بعد، وهذا أقرب الوجوه في نفسي، والعرب تقول: تغير فلان بعاقبة، أي: عن قريب بعقب ما عهد عليه قبل. انتهى.