للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت أميمة ما لجسمك شاحبًا ... منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع

أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا ... إلا أقضَّ عليك ذاك المضجع

فأجبتها أمَّا لجسمي أنَّه ... أودى بنيَّ من البلاد فودَّعوا

أودى بنيَّ وأعقبوني حسرةً ... بعد الرُّقاد وعبرةً ما ترجع

فالعين بعدهم كأنَّ حداقها ... سملت بشوك فهي عور تدمع

سبقوا هوىَّ وأعنقوا لهواهم ... فتخرِّموا ولكلِّ جنب مصرع

فغبرت بعدهم بعيش ناصب ... وإخال أنِي لاحق متتبِّع

ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ... فإذا المنيَّة أقبلت لا تدفع

وإذا المنيَّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلَّ تميمة لا تنفع

حتَّى كأنِّي للحوادث مروة ... بصفا المشرَّق كلَّ يوم تقرع

وتجلُّدي للشَّامتين أريهم ... أنِّي لريب الدّهر لا أتضعضع

والنفس راغبة إذا رغَّبتها ... وإذا تردُّ إلى قليل تقنع

كم من جميع الشَّمل ملتئم الهوى ... كانوا بعيش ناعم فتصدَّعوا

قوله: أمن المنون ... إلخ، قال الإمام المرزوقي: الهمزة للاستفهام الإنكاري. يخاطب نفسه ويقول: أتتوجع من المنون، والدهر كذا! والمعنى: لا تتوجع منه فذلك غير نافع مع الدهر. والمنون: قد يراد به الدهر، فإذا أريد به ذلك فالرواية "وريبه" لأنه حينئذ مذكر، وكأنه فعول من المنِّ: القطع، ومنه: حبل منين، أي: مقطوع وقد يراد به المنية أيضًا، وحينئذ يؤنث، فيروى: "وريبها" وقد يخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>