للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها بضمير الجمع، لأنه يقصد بها إلى أنواع المنايا، قال عدي:

من رأيت المنون عرَّين أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير

فإن قيل: وجه الكلام أن يقال: والمنون ليس بمعتب، قلت: إن أريد بالمنون الدهر، فإنما اختلف اللفظان والمعنى واحد، وإن أريد المنية، فإنه لما كانت الأحداث كلها كانوا ينسبونها إلى الدهر، والمنية بعضها، فكأنها من مسببات الدهر وأفعاله، وإذا كان كذلك فالدهر إذًا يجب أن يرجع ويكف من فعله لا غيره. والإعتاب: الرجوع، وريبها: نزولها. وحكي عن أبي عبيدة: راب عليه الدهر، أي: نزل، ويجوز أن يكون مصدر رابني الشيء، والمراد به حدثان الدهر وصروفه الرائبة. انتهى. وقال ابن الأنباري في شرحه: المنون: الدهر، سمي منونًا لأنه يبلي ويضعف، ويذهب بمنَّة الأشياء، والمنة: القوة والضعف أيضًا. والمنون أيضًا تكون المنية، وتكون واحدًا وجمعًا. وقوله: والدهر ليس بمعتب، أي: ليس الدهر بمراجع من جزع منه بما يجب، والعتبى: المراجعة، ومنه قولهم: لك العتبى، أي: الرجوع إلى ما تحب، ومنه قولهم: أعتب فلان فلانًا. انتهى.

وقوله: قالت أميمة ... البيت، قال المرزوقي: قال أبو نصر: أرى أن أميمة امرأته، استنكرت شحوب لونه، وهزال بدنه، متصورة أن ذلك لتوليه أسباب بنفسه، وتبذله في إصلاح ضيعته، وإمساكه عن بذل المال مع اتساعه، لاستعانة من يعتنق أموره دونه، ويكفيه مهمّه، ألا ترى أنها قالت: ما لجسمك يشحب، ومثل مالك ينفع! ؟ : كان يجب أن لا يكون ذلك مع هذه الحال، وأن أبا ذؤيب أبطل ما تصورته، وبين العلة فيما أنكرته بقوله: فأجبتها أما ... ،

<<  <  ج: ص:  >  >>