للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتصاب شاحبًا على الحال، مما دلَّ عليه: ما لجسمك، كأنه قال: لم حصلت شاحبًا. وروى الأصمعي بدله "سائيًا" أي: يسوء من أبصره. وقوله: منذ ابتذلت، أي: منذ أصبت بولدك، فامتهنت نفسك لذهاب من كان يكفيك، وتركت التصون والتودع، وباشرت السفر والتعب، والمعنى: كيف صرت كذلك، وفي مالك ما يمكن معه اشتراء الخدم، والاعتماد على من ينوب عنك في الاعمال والتصرف. انتهى.

وقوله: أم ما لجنبك ... البيت، أم: منقطعة، كأنها استأنفت السؤال عن سهره، وإقضاض المضجع لديه بعد السؤال عن حاله في نفسه، والشحوب البادي عليه، فإن قيل: المضجع من حكمه أن لا يوافق الجنب، فلم جعله مفعولًا، وجعل الجنب فاعلًا؟ قلت: إنه لما كان في خروج المضجع عن موافقة الجنب مخالفة. الجنب أيضًا للمضجع؛ جاز أن يجعل الفعل لما أريد منهما. ويقال: قض المضجع، وأقض: إذا خشن، وصار فيه مثل القضض، وهي الحصى الصغار، والقضيض: الكبار. ومعنى البيت: بل أي شيء لجنبك لا يستوفق مضجعًا إلا صار فيه مثل القضض، حتى نبا عنه وسهرت له. انتهى.

وقوله: فأجبتها أما لجسمي ... البيت، قال المرزوقي: يجوز أن يكون أصل أمَّا: أن ما، فأدغم، وأن تكون مخففة من الثقيلة. وما بمعنى الذي، ولجسمي صلته. وقوله: أنه أودى، إن جعلت أن عاملة على ما دخله من الحذف، لأن الفعل قد يعمل مع تسلط الحذف عليه، نحو: لم يك زيد منطلقًا، ولأن "أن" إنما أعمل في الأصل مثقلة، لمشابهته للفعل، فنقول: حمله مخففة عليه سائغ أيضًا؛ كان موضعه رفعًا بخبر أن، والتقدير: أجبتها بأن الذي بجسمي، أنه أودى بنيَّ؛ إيداء بني، لأن أن مع ما بعده في تقدير المصدر. والمعنى: تأثير إيداء بني وهلاكهم، لأن ما كان بجسمه من الهزال وسوء الحال لم يكن الإيداء، وإنما كان أثره ومسببه، ويكون موضع أن الأولى نصبًا بأجبتها، أي: أجبتها بهذا. وإن جعلت أن غير عاملة، كما في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>