للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن هالك كلُّ من يحفى وينتعل

يكون "ما لجسمي" في موضع الابتداء، و"أنه أودى بني" في موضع الخبر، والتقدير: أجبتها بأن الأمر والحديث الذي لجسمي إيداء بني وتودعيهم. ويجوز أن يكون أما تفصيلًا لخبر مجمل، وجوابًا، ويكون لجسمي متناولًا من كلام السائلة، وقد رد عليها ما قالت بلفظها، كقولك: قال لي فلان: ما لك؟ فقلت: ما لي أنني هذه حالي، ويكون أنه في موضع الابتداء، فإن قيل: حصل السؤال عن شيئين، لابد فيه من العطف عليه وتكرير أما، وأبو ذؤيب لم يكرر أما؛ قلت: إن السؤال وإن كان صورته شيئين: الجسم والجنب؛ فإن طريق جوابه طريق واحد، لوروده ما هو سؤال عن أمر واحد، ولما كان السبب في كل واحد بما سألت عنه هو والسبب الذي في الآخر، اكتفى بالجواب عن أحدهما.

وقوله: من البلاد، أي: من أهل البلاد. وقوله: فودعوا، يجوز أن يكون من ودعت، مخففًا، أي: تركت، وتضعيف العين للتكثير، ويجوز أن يكون من الوداع، وحينئذ يثقل لا غير، وإن كان المعنى يرجع إلى الترك أيضًا، ويكون على وجهين:

أحدهما: ما تعارفه الناس من أن اليائس من نفسه في علته أو نكبته يودع الأهل والمعارف، حضروا أو غابوا، توجعًا من حاله، أو يأسًا من سلامته، فيقول: كان ذلك آخر عهدهم.

والثاني: أن يكون كناية عن الموت. انتهى.

وقوله: أودى بني ... البيت، قال المرزوقي: يقول: ماتوا، وجعلوا عقباي حسرة لا تنقطع، ودمعة لا ترقا. وقوله: بعد الرقاد، أي: بعد وقت الرقاد، أي: ليلًا، والمعنى: أسهر وأتحسر بعد وقت النوم، وطول الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>