للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يريد: بعد نوم الناس، وخص الليل بالذكر، وإن كان لم يخل مما مني به فيهم في النهار أيضًا، لأن الليل أجمع للهمّ، ولأن الإنسان في نهاره يشتغل عن البثّ بما يعرض ويتفق في أمره، وبالليل لا يخلو إلا بفكره. وقوله: لا ترجع، أي: لا تكفُّ عن السيلان. وروي: "وزفرة لا تقلع" ويعني به امتداد تنفس الصعداء، وقلة انقطاعه. انتهى.

واستشهد المصنف بهذا البيت في "الأوضح" على قلب واو الجمع ياء، وإدغامها في ياء المتكلم.

وقوله: فالعين بعدهم ... البيت، قال المرزوقي: ذكر عينًا، وأراد العينين، ومتى اجتمع شيئان في أمر لا يفترقان، اجتزئ بذكر أحدهما عن الآخر. وقوله: كأن حداقها، إنما جمع لأنه لما كان المراد بالعين العينين، ولكل واحدة حدقة، حصل اثنتان، فأجرى على عادتهم في استعارة الجمع له. وقيل: جمع على حد قولهم: رجل ضخم المناكب، كأنهم أرادوا الشيء بما حوله. وقوله: سملت، قال أبو عبيدة: سمرت عينه وسملتها؛ إذا فقأتها بحديدة محماة، أو غيرها، وإن فقأتها بيدك لم يكن سملًا. وقوله: فهي عور، مردود على الحداق، أي: كأنها مسمولة، فهي عور دامعة، ومعنى عور: فاسدة ذاهبة. انتهى.

واستشهد بهذا البيت أبو علي في "الإيضاح" على أن المعرف بلام الجنس قد يعامل معاملة الجمع، فلذا قال: كأن حداقها، وقال: عور. وقال الزجاج: جعل كل قطعة منها حدقة، كما يقال: بعير ذو عثانين، وإنما له عثنون. وقوله: عور، مردود على الحداق، ورده أبو علي بأن كل خصلة تكون عثنونًا، وليس كل جزء من الحدقة حدقة.

وقوله: سبقوا هوي ... البيت. قال المرزوقي: هويّ: لغتهم في هواي، كأنهم لما كان ياء الإضافة ينكسر له الحرف الذي قبله، وكانت الألف لا تتحرك فتكسر؛ أبدلوا منها الياء، وأدغموها في ياء الإضافة، والمعنى: ماتوا قبلي،

<<  <  ج: ص:  >  >>