للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امض بنا إلى المشرّق، يعني: المصلّى، وقيل: يعني مسجد العيدين. وقال أبو عبيدة: المشرَّق: سوق الطائف، والمعنى: كأنما أنا للمصائب التي تنزل بي مروة في مجتمع الناس، السوق أو المصلى، لا يزال يقرعها مرور الناس ووطء الأقدام. وحكي: قرعت مروة فلان؛ إذا أصابته مصيبة شاقة، وهذا تشبيه لجلده وصبره إذا أثرت الفجائع فيه، كما قيل: نحت أثلته، وقد قيل: قرعت صفاته أيضًا. وأنشد لابن الرقيات:

إنّ الحوادث بالمدينة قد ... أوجعنني وقرعن مروتيه

وقال أبو نصر: كان الرجل يأتي سوق عكاظ، فيقصد مروة ضخمة، فيقرعها بعصاه يعدّد أيامه وفعاله ليشهرها، فيقول: كأني تلك المروة أقرع كل حين.

وحكى بعضهم قال: سمعت أعرابيًا قال: حدثني جنبة بن عكابة، وكان شيخًا من علماء غنيّ، قال: كنت بالمشرق، ومعي شيخ من أهل مكة فأخذ بيدي حتى أقامني على مروة بيضاء مثل الشاة الضخمة، فقال لي: هل تعلم أي مكان ذا؟ قال: قلت: لا والله ما أدريّ قال: هذه والله المروة التي ذكرها أبو ذؤيب في شعره، وكان عندها ثلاثة أصنام، وكانت نساء مكة إذا مرض لهن مريض أخذن قدومًا أو معولًا، فنحتن منها، ثم صبت عليه الماء فسقت المريض، فيجد راحة، وإن نساء مكة ليتبركن بها حتى اليوم. انتهى.

وقال ابن الأنباري: المروة: حجارة بيض يقدح منها النار. وقوله: وتجلدي للشامتين ... البيت، قال المرزوقي: عاد من هنا إلى ما يريد إنكاره الذي صدر القصيدة به، فاحتفل بما بقي من الجلد والصبر، وتأسى ما شاء، وتسلى ما شاهد

<<  <  ج: ص:  >  >>