للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملة "لا تدفع": حال، ويجوز أن يكون المعنى: حرصت على مدافعة كل شيء، دونهم، فإذا أقبل القدر المحتوم، فإنه لا يغالب. فإذا: شرطية، والمنية: فاعل فعل مضمر يفسره أقبلت، ولا يدفع: جواب إذا، كأنه أراد: ولقد حرصت للمدافعة، فاستسلمت للموت. انتهى.

وقوله: وإذا المنية، قال المرزوقي: هذا البيت على ما بدأنا به في تفسير البيت الأول يترتب، وبهما يتم الكلام، ويكمل، ألا ترى أنه يكون المعنى: لقد انتصبت للدفاع عنهم بحرص شديد، ففاجأت المنية غير مدفوعة، وإذا علق الموت مخلبه في شيء، لم تغن معاذة دونه، ولا نفعت حيلة في الخلاص منه. وهذا كلام من التكرير سالم، وللمعنى على حده مستوف، وعلى الوجه الثاني، يصير المعنى الواحد مكررًا في البيتين جميعًا، لأن فائدة قوله: إذا أقبلت المنية لا تدفع، مثل فائدة قوله: إذا أنشبت المنية ظفرها لم يتخلص منه. وهذا بأدنى تأمل يبين للناظر فيه. انتهى.

والبيت من شواهد علماء البيان. يوردونه للاستعارة المكنية والتخيلية. وقوله: حتى كأني للحوادث ... البيت، قال المرزوقي: إلى هذا الموضع دخل في جواب المرأة، لأنه ابتدأ فقال: غيرني تتابع المحن، فأصابني كذا وكذا، إلى أن صرت كأني للحوادث بمنزلة هذا.

وقد اختلف في رواية البيت وتفسيره، وأنا ذاكر جميع ما قيل فيه:

حكي عن أبي عمرو الشيباني أنه أنشد: "بصفا المشقّر" فأنكر وقال: المشقر بالبحرين، فما لأبي ذؤيب والبحرين؟ ! إنما هو المشرَّق. وقال الأصمعي: المشرق: المصلَّى، ومسجد الخيف: هو المشرَّق.

وقال شعبة بن الحجاج: خرجت أقود سماك بن حرب في يوم عيد، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>