وتجمل: إما بالجيم، أي: أظهر الجمال وعدم الحاجة، أو: كل الجميل، وهو الشحم المذاب تعففًا؛ وإما بالحاء المهملة، أي: تكلف حمل هذه المشقة، قاله الدماميني، واستأن: من الأناة، والهوى: هوى النفس والمطلوب.
وقوله: وإذا بقيت الباهشين ... البيت، قال الضبي: الباهش: الفرح، يقول: الذين يأتونك يلتمسون نائلك، وقيل: إن الباهش المتناول، يقال: بهش يبهش؛ إذا تناول، والقاع: الموضع الصلب الحر الطين، الواسع يمسك الماء، والممحل: المجدب، والندى: الإحسان، وغبرة الكف: كناية عن خلّوها من مال، وليس عليها غير الغبار.
وقوله: فأعنهم وايسر بما يسروا به، قال الضبي: أسرع إلى إجابتهم، والضنك: الضيق، أي: آسهم في ضيقهم. وقوله: وايسر بما يسروا به مثل:
لو ييسرون بخيل قد يسرت بها ... وكلُّ ما يسر الأقوام مغروم
يقول: لو ضربت العرب بالقداح على الخيل، لفعلت بفرسي ذلك. وروي "فابشر بما بشروا به" من البشارة.
وقد وقع البيت الشاهد مع بعض أبيات هذه القصيدة في شعر للحارثة بن بدر الغداني، أورده الشريف السيد الأجل المرتضى، علم الهدى، ذي المجدين، أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي، تغمدهم الله برحمته في كتابه "غرر الفرائد ودرر القلائد" المشهور "بأمالي الشريف المرتضى" قال: ومن مستحسن قول حارثة:
ولقد وليت إمارة فرجعتها ... في المال سالمة ولم أتموَّل
ولقد منعت النُّصح من متقبِّل ... ولقد رفدت النصح من لم يقبل
فبأيَّ لمسة لامس لم ألتمس ... وبأيِّ حيلة حائل لم أحتل
يا طالب الحاجات يرجو نجحها ... ليس النجاح مع الأخفِّ الأعجل
فاصدق إذا حدَّثت تكتب صادقًا ... وإذا حلفت مماريًا فتحلَّل