للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرى كذا" إلى أن إذا مجرورة الموضع بحتى، وهذا البيت يؤكد الاعتداد بالمبدل منه، وأنه ليس في حكم الساقط البتة، ويجوز أن تكون إذا بدلًا من قوله: من غد، فتكون إذا على هذا منصوبة المحل نصب المفعول به، أي: أتلهف من هذا، كقولك: أتظلم من زيد، وأرغب في جعفر، ألا ترى أن عبرة أتظلم من زيد: أشكو زيدًا، كما أن عبرة مررت بزيد: جزت زيدًا. وقد أجاز أبو العباس أن تقول: إذا يقوم زيد إذا يقوم جعفر، على أن تكون الأولى مرفوعة بالابتداء، والثانية مرفوعة لكونها خبرًا عن الأولى، حتى كأنه قال: وقت يقوم زيد وقت يقوم عمرو، فإذا جاز رفعهما من هذين الوجهين، كان نصبهما على مذهب المفعول به أقرب مأخذًا. ولا يجوز أن تكون إذا ظرفًا للهف، لانقلاب المعنى، ألا ترى أنه لا يريد أن يتلهف وقت رواح أصحابه وتأخره عنهم، وإنما يريد: أتلهف الآن لغد، ومن أجله وأجل ما يحدث فيه. انتهى كلام ابن جني.

وقد يقال: لم لا يجوز أن يريد أنه يتلهف إذا دفن، وراحوا في اليوم الذي يموت فيه لغد ذلك اليوم الذي لا يعودون إليه فيه، وإن عادوا راحوا ثانيًا كما راحوا أولًا. فإن قيل: كيف يتلهف من دفن؟ قلنا: هو إنما نسب التلهف إلى نفسه، مريدًا بها الروح، كما في حديث: "إن الميت يتبع بصره نفسه" لا الحقيقة والذات، فتأمل. وكذا قال المرزوقي والتبريزي والطبرسي في شروحهم.

ولم يلتفت ابن الشجري كالمصنف لما قاله شراح "الحماسة" وجعل إذا ظرفًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>