وأكثر هذا الرجز قد تقدم في الجهاد من حديث البراء بن عازب، وأنه من شعر عبد الله بن رواحة، فيحتمل أن يكون هو وعامر تواردا على ما تواردا منه، بدليل ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر، أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة.
وقوله: فداء لك ما أبقينا، استشكل هذا الكلام لأنه لا يقال في حق الله تعالى، إذ معنى فداء لك: نفيدك بأنفسنا، وحذف متعلق الفداء للشهرة، وإنما يتصور الفداء لمن يجوز عليه الفناء، وأجيب عن ذلك بأنها كلمة لا يراد ظاهرها، بل المراد بها المحبة والتعظيم، مع قطع النظر عن ظاهر اللفظ. وقيل: المخاطب بهذا الشعر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فالمعنى لا تؤاخذنا بتقصيرنا في حقك ونصرك، وعلى هذا فقوله: اللهم، لم يقصد بها الدعاء، وإنما افتتح بها الكلام، والمخاطب بقوله: أنت، النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ويعكر عليه قوله بعد ذلك:
فأنزلن سكينةً علينا ... وثبِّت الأقدام إن لاقينا
فإنه دعاء لله تعالى، ويحتمل أن يكون المعنى: فاسأل ربك أن ينزل ويثبت، والله أعلم.
وأما قوله: ما أبقينا؛ معناه: ما تركنا من الأوامر، و"ما" ظرفية.