وأمَّا إذا ما المحل سرَّح مالهم ... ولاح لهم وجه العشيَّات سملق
نفى الذَّمَّ عن آل المحلَّق جفنة ... كجابية الشَّيخ العراقيِّ تفهق
ترى القوم فيها شارعين ودونهم ... من القوم ولدان من النَّسل دردق
يروح فتى صدق ويغدو عليهم ... بملء جفان من سديف تدفَّق
طويل اليدين رهطه غير ثنية ... أشمُّ كريم جاره لا يرهَّق
وهذا آخر القصيدة. ومن أول القصيدة إلى أول المديح أكثر من أربعين بيتًا.
روى شارح ديوانه، وصاحب "الأغاني" والرياشي وغيرهم: أن الأعشى كان يوافي سوق عكاظ في كل سنة، وكان المحلق – واسمه عبد العزى بن حنتم بن شداد من بني عامر بن صعصعة -، مئناثًا مملقًا، فقالت له امرأته: يا أبا كلاب! هذا يمنعك من التعرض لهذا الشاعر؟ فما رأيت أحدًا مدحه إلا رفعه! ولا هجا أحدًا إلا وضعه! هو رجل مفوَّه مجدود الشعر، وأنت رجل، كما علمت، خامل الذكر ذو بنات، فإن سبقت الناس إليه فدعوته إلى الضيافة، رجوت لك حسن العاقبة! قال: ويحك، ما عندنا إلا ناقة نعيش بها! قالت: إن الله يخلفها عليك، قال: لابد له من شارب، قالت: إن عندي ذخيرة لي، ولعلي أجمعها، فتلقَّه قبل أن تسبق إليه. ففعل، وخرج إلى الأعشى، فوجد ابنه يقود ناقته، فأخذ زمامها منه، فقال الأعشى: من هذا الذي غلبنا على خطام ناقتنا؟ قيل: المحلق، قال: شريف كريم، وقال لابنه: خلِّه يقتادها، فاقتادها إلى منزله، فنحر له ناقته، وكشف له عن سنامها وكبدها، ووجد امرأته قد خبزت خبزًا، وأخرجت نحي سمن، وجاءت بوطب لبن، فلما أكل الأعشى وأصحابه، وكان في عصابة قيسية، قدم إليه الشراب،