كأنّ بها من حول خاليه جمرة ... تشبُّ لمقرورين يصطليانها
وقوله: رضيعي لبان، منصوب على المدح، مثنى رضيع بمعنى مراضع واللبان بالكسر: لبن المرأة خاصة، واللبن عامة، وثدي بالجر: بدل من لبان، وتقاسما: تحالفا، أي: أقسم كل منهما لا يفارق صاحبه أبدًا، وعوض: ظرف مبني على الضم بمعنى أبدًا، واختلف في تفسير الأسحم هنا على سبعة أقوال: منها أنه الليل، وداج: مظلم. ويأتي إن شاء الله تعالى، شرح هذا البيت وما قيل فيه مفصلًا في بحث "عوض".
وأخذ الكميت معنى هذا البيت وبسطه في مدح مخلد بن يزيد، وقال:
ترى النَّدى ومخلدًا حليفين ... كانا معًا في مهده رضيعين
تنازعا فيه لبان الثَّديين
وقوله: وأما إذا ما المحل ... الخ، المحل: انقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ. وسرح مالهم، أي: أطلقها وفرقها، والمال عند العرب: الإبل والبقر والغنم، والسملق كجعفر: القاع الصفصف، وقوله: نفى الذم ... إلخ، هو جواب إذا، والجفنة بالفتح، قصعة الطعام؛ فاعل نفى، والجابية بالجيم، قال الجوهري: هي الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل، وأنشد البيت.
قال المبرد في أول "الكامل": تفهق من قولهم: فهق الغدير؛ إذا امتلأ ماء، فلم يكن فيه موضع مزيد كما قال الأعشى: نفى الذم ... البيت. هكذا ينشده أهل البصرة، وتأويله عندهم: أن العراقي إذا تمكن من الماء ملأ جابيته، لأنه حضري، فلا يعرف مواضع الماء ولا محالّه. وسمعت أعرابيًا ينشد: